معتقلات الأويغور.. أضخم سجن جماعي منذ الهولوكوست

معتقلات الأويغور.. أضخم سجن جماعي منذ الهولوكوست

Turkistantimes , 16.04.2019

بيتر آبس –
ترجمة أحمد شافعي –

ليس معروفا على أي نحو واضح عدد من يموتون في المعسكرات ـ برغم أن العشرات وربما المئات من الأويغور يقولون إنهم سمعوا عن وفيات أقارب لهم. وفي حالات أخرى تبين أن أولئك المفقودين لوقت طويل كانوا أحياء.

على مدار السنوات القليلة الماضية، ظهرت شبكة ضخمة من معسكرات الاعتقال في محافظة الصين الشمالية النائية المعروفة بتشينغيانغ.
ولعل هذه السجون ـ وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة وباحثين ونشطاء آخرين ـ تحتجز ما لا يقل عن مليون من الأويغور، وهي أقلية مسلمة تبدو بكين متزايدة العزم على تجريدها من حريتها وهويتها.
يكاد يرقى إلى درجة اليقين أن تكون هذه هي أضخم عملية سجن جماعي يجري على أرضية عرقية أو دينية منذ الهولوكوست. وهي لا تتصدر أخبار الصحف ولا تمثل جزءا من حوار دبلوماسي أو سياسي.
وذلك ـ من نواح كثيرة ـ شهادة على قسوة وفعالية النهج الذي تتبعه الصين. فلقد حققت الصين نجاحا لافتا في استعمال قوتها الاقتصادية لتقليل النقد الدولي إلى حدوده الدنيا، مع تقليص القدرة الأجنبية والخارجية على الوصول إلى تشينغيانغ ووضع العراقيل والصعوبات أمام محاولات معرفة ما يجري هناك. ولكن ما يتفق عليه الخبراء والنشطاء سواء بسواء هو أن وضع الأويغور يتدهور بسرعة.
ثمة جملة من التحديات التي تواجهها القوى الأجنبية ـ ومنها بريطانيا ـ وتشعرها بأنها بحاجة إلى الصين، الأمر الذي جعلها عازفة بصورة مفهومة عن إثارة القضايا الشائكة من قبيل قضية الأويغور أو التبت أو انتهاكات حقوق الإنسان بصفة أعم. وثمة بعض البوادر المبكرة التي تشير إلى أن هذا الوضع يتغير، ولكنه تغير غير سريع أو بعيد المدى بالقدر الكافي.
قد يمثل ما يجري للأويغور سابقة مرعبة للحقبة التالية. فما لدى الصين من تكنولوجيا متطورة وقوة دبلوماسية ـ واستعمالها لهما في ظل صمت تام ـ يعني أن الأويغور في الصين يتعرضون لضغط لم يتعرض لمثله شعب من قبل في تاريخ الإنسانية.
ففي داخل تشينغيانغ تنتشر شبكات من الكاميرات القادرة على تمييز الوجوه بما يعني تعرض الجميع للمراقبة المستمرة.
وأي مظهر سلوكي يعد «أجنبيا» أو إسلاميا من قبيل إطلاق اللحية أو الصلاة جهرا قد يؤدي إلى السجن الفوري. أما أصدقاء وأقارب نشطاء الأويغور أو الصحفيين المقيمين بالخارج ممن يعملون في إذاعة آسيا الحرة الممولة أمريكيا فيتم غالبا إلقاء القبض عليهم بالعشرات. كما تعرضت حكومات دول أجنبية ـ منها حكومات دول إسلامية مثل ـ لضغوط لترحيل الطلبة الأويغور إلى الصين حيث اختفى البعض منهم فلم يرهم أحد منذ ذلك الحين.
في وقت مبكر من الشهر الحالي، كانت بريطانيا وتركيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان تكلمتا عن انتهاكات الصين للأويغور في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ويقول وزراء إنهم أثاروا الموضوع مع نظرائهم الصينيين في أثناء زيارات إلى بكين.
ومع ذلك تغيب القضية غيابا صادما عن أغلب الخطب والتعليقات الرسمية بما في ذلك ما شهدته زيارة وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت في يوليو 2018 إلى الصين.
لعله من الإفراط في التفاؤل أن نتوقع من حكومة محافظة مشغولة بالشأن الاقتصادي وتسيطر عليها مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن تجعل لقضية الأويغور الأولوية وسط ما يشغلها. ولكن القضية لم تظهر أيضا بصورة جدية على أفق حزب العمل حتى مطلع العام الحالي حينما قامت وزيرة خارجية الظل إيميلي ثورنبيري بتوجيه كلمة إلى المقيمين في لندن من الأويغور وغيرهم من جماعات الناشطين، فقالت «إننا بحاجة الآن إلى زيادة الوعي بالأمر، وإيضاح أنه وضع لا يمكن أن يستمر».
بالمقارنة مع أقليات أخرى في الصين، مثل بوذية التبت والمسيحيين، فإن أصدقاء مسلمي الأويغور قليلون نسبيا في العالم الخارجي. فباستثناء تركيا، تشيح أغلب دول الشرق الأوسط نفسه أنظارها عنهم إثر ضغوط من بكين. والصين تقول إن هذه الخطوات ضرورية للوقاية من العنف الإسلامي.
لقد انضمت أعداد صغيرة من مسلمي الأويغور إلى جماعات مثل داعش، فضلا عن القيام بحفنة هجمات بالسكاكين وغيرها داخل الصين. لكن نطاق الإجراءات الصارمة يبقى غير متناسب بأي حال مع التهديد بما يحث على إدانة دولية ـ وإن تكن إلى الآن شديدة المحدودية.
في الأسبوع الماضي دعا اتحاد جماعات حقوق إنسان ـ من ضمنه العفو الدولية ـ الحكومات الأوروبية بصفة خاصة إلى تصعيد نقدها للصين. وشهد الأسبوع الماضي قيام الولايات المتحدة بتوجيه أعنف تعليقاتها الخاصة بالقضية، موبخة بكين في تقريرها السنوي المتعلق بحقوق الإنسان.
وبالإضافة إلى النقد العلني المتكرر، يحتمل أن تتضمن ردود الفعل معاقبة مسؤولين صينيين أفراد ممن يرتبطون بالحملة الصارمة على الأويغور، فضلا عن فرض قيود على بيع معدات المراقبة.
ليس معروفا على أي نحو واضح عدد من يموتون في المعسكرات ـ برغم أن العشرات وربما المئات من الأويغور يقولون إنهم سمعوا عن وفيات أقارب لهم. وفي حالات أخرى تبين أن أولئك المفقودين لوقت طويل كانوا أحياء.
وهذا سبب أساسي يجعل الرقابة الخارجية ضرورة. فلو أن أصحاب السلطة في بكين يعتقدون أن بوسعهم الاستمرار في حملتهم الصارمة محصَّنين، فسوف تأتي أفعالهم وفقا لذلك لتفتح الطريق في أسوأ الحالات أمام إبادة جماعية سافرة.
وما من شك في أن الكلام عن الأويغور سوف يعقد العلاقات مع الصين في وقت تحتاج فيه قوى العالم العظمى احتياجا ماسا إلى العمل معا.
ولكن دروس التاريخ الواضحة تعلمنا أن عدم القيام بذلك قد يكون أشد خطورة من القيام به.

• عن صحيفة ذي نيوستيتسمان