لماذا تُتَّهم الصين بإعقام نساء الأويغور؟

لماذا تُتَّهم الصين بإعقام نساء الأويغور؟

المصدر: تركستان تايمز


باحثون ونشطاء ينتقدون تغريدة من حساب رسمي صيني تشير إلى الكيفية التي أدت بها السياسات الصينية إلى انخفاض في أعداد السكان من أبناء الأقليات.

أعلنت الصين عبر الحساب الخاص بسفارتها في الولايات المتحدة على موقع تويتر يوم الخميس 7 يناير/كانون الثاني بأنها نفذت “عملياتها” كي لا تعود نساء الأويغور “آلات إنجاب”. قوبلت التغريدة بالسخرية والازدراء، فقد اتهم الباحثون والأكاديميون والنشطاء والمواطنون العاديون على السواء، الحزب الشيوعي الحاكم في الصين باتخاذ تدابير شديدة القسوة، من بينها الإجهاض القسري، والتبني، والإعقام، واستخدام اللوالب لتقليص أعداد السكان من أبناء الأويغور في منطقة شينجيانغ الصينية، التي تتمتع بحكم ذاتي.

وقال أحد مستخدمي موقع تويتر: “الصين لا تستطيع حتى أن تخفي ازدراءها للإبادة الجماعية بحق نساء الأويغور المسلمات، عن طريق تجريدهن من إنسانيتهن من خلال وصفها إياهن بـ”آلات إنجاب””.

وتؤكد الحكومة الصينية أنها ببساطة تتخذ “تدابير منع الحمل الملائمة والفعالة” المتاحة لعائلات الأويغور.

ارتبطت تغريدة السفارة بمقال من صحيفة China Daily الإنجليزية المملوكة لإدارة الدعاية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وذكر تقرير من مركز بحوث التنمية في شينجيانغ (Xinjiang Development Research Center)، وهي مؤسسة فكرية تعمل تحت مظلة الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية. ولم يكن التقرير من نوعية النشرات العلمية التي تخضع لمراجعة الأقران.

وبحسب التقرير: “التطرف حرّض الناس على مقاومة تنظيم الأسرة”، والانخفاض في أعداد سكان الأويغور لم يكن نتيجة “الإعقام القسري” بل نتيجة “التحرر”.

وتُظهر التحقيقاتُ المستقلةُ التي أجراها الأكاديميون والباحثون والصحفيون، إضافة إلى شهادات الناجين من هذه السياسات حول العالم، نتائج مختلفةً عن هذه الرواية.

يُعرف الأويغور بأنهم أقلية مسلمة من أبناء الشعوب التركية يعيش أغلبهم في شمال غرب الصين. وتقول منظمات حقوق الإنسان الدولية إن الأويغور، بالإضافة إلى الأقليات المسلمة الأخرى في المنطقة، مثل الكازاخ و القرغيز والأوزبك، هم ضحايا حملة “قمع شاملواحتجاز شامل” من جانب الدولة الصينية.

وتنكر بكين هذه التقارير، قائلة إنها فقط تتخذ تدابير أمنية لمكافحة الإرهاب.

إدانات

انتقد آلاف من مستخدمي تويتر التغريدة التي نشرتها السفارة الصينية، ووصف كثيرون منهم الممارسات بأنها “إبادة جماعية”.

فيما طالب آخرون موقع تويتر بوضع علامة تحذيرية على التغريدة أو حذفها. ويتساءل كثيرون عن سبب عدم اتخاذ موقع تويتر إجراء حول هذه التغريدة، نظراً إلى أن سياسة السلوكيات الباعثة على الكراهية الخاصة بالمنصة تنص على أن أي منشور “يروج للعنف ضد مجموعة أشخاص آخرين، أو يهاجمهم مباشرة أو يهددهم على أساس الجنس، أو العرق، أو الأصل القومي، أو الطبقة، أو التوجه الجنسي، أو النوع الجنسي، أو الهوية الجنسانية، أو الانتماء الديني، أو العمر، أو الإعاقة، أو المرض الخطير”، لا يُسمح به. يتضمن هذا “الإشارة إلى جرائم القتل الجماعية، أو أحداث العنف، أو وسائل العنف المحددة التي تكون فيها مجموعات مشمولة بالحماية أهدافاً رئيسية أو ضحاياً”، فضلاً عن “تجريد الصفة الإنسانية عن مجموعة من الأشخاص استناداً إلى دينهم”.

ويمكن أن توضع علامة على تغريدة السفارة الصينية بموجب سياسة المعلومات المضللة الخاصة بموقع تويتر، إذ إن التغريدات التي تحتوي على معلومات مضللة، أو ادعاءات متنازع عليها، أو ادعاءات غير متحقق منها، يمكن أن توضع علامة عليها أو أن تتضمن رسائل تحذيرية أو أن تُحذف. وقد خضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكثر من مرة لمثل هذه الصور من الرقابة على تغريداته في ما يتعلق بهذا الشأن، قبل أن يُحذف حسابه كلياً من المنصة.

تعرض موقع تويتر لانتقادات شديدة مِن قَبل لمساعدة الحكومة الصينية على نشر ما وُصف بــ “الحملة الدعائية والمعلومات المضللة المعادية للمسلمين” بحق أقلية الأويغور. وغيرت المنصة فيما بعد سياستها المتعلقة بالإعلانات القادمة من وسائل الإعلام الحكومية.

غير أنه حتى وقت نشر هذا المقال، لم يكن هناك أي تحذيرات أو علامات على التغريدة. ونشر عديد من المستخدمين أنهم أبلغوا عن التغريدة بسبب محتواها.

“تنظيم الأسرة القسري”

منذ عام 1949، الذي شهد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، نفذت الحكومة سلسلة من الحملات في منطقة شينجيانغ، بما في ذلك استهداف ما وصفته الدولة بالنمو السكاني “المفرط” للأويغور، وذلك وفقاً للخبراء الذين يبحثون شؤون الصين والديموغرافيا، والذين فحصوا وثائق رسمية.

تضمنت هذه الجهود، من بين الطرق الأخرى، محاولة إسكان المنطقة ذات الأغلبية الأويغورية بسكان صينيين من عرقية الهان الصينية بصورة منهجية عن طريق برامج التوطين والإعلان عن إمكانيات الزواج من نساء الأويغور. تُتَّهم الحكومة كذلك بإجبار آلاف من نساء الأويغور على الزواج من رجال من عرقية الهان أو العيش معهم، في تحرك يوصف بأنه برنامج “اغتصاب جماعي“، وذلك بحسب خبراء آخرين.

وثائق تنظيم الأسرة المتعلقة بمنطقة شينجيانغ بدأت في عام 2017 في استخدام عبارات على شاكلة “اعتداءات شديدة ضد السلوكيات التي تنتهك (سياسات) تنظيم الأسرة”، وفقاً لبحثٍ حول سياسات تنظيم الأسرة التي تطبقها الحكومة في المنطقة. وتضمنت هذه الاعتداءات عقوبات لانتهاك هذه السياسات.

وبينما لم يكن الإعقام شائعاً تاريخياً في منطقة شينجيانغ، ترتفع الأرقام في الوقت الذي تُقدَّم فيه إلى نساء الأويغور إجراءات “مجانية” ويتلقين “تهديدات بالاعتقال” إذا رفضن، وذلك حسب ما ورد في التقارير.

وفي غضون ذلك، يدحض “التقرير التحليلي عن التغير السكاني في شينجيانغ” المنشور بالصينية، مثل هذه التصريحات، ويعزو انخفاض أعداد السكان الأويغور المسلمين إلى “استئصال التطرف الديني”.

لم يُعرَّف التطرف الديني في المقال الذي يصف التقرير، ولكن حتى تسمية الأشخاص بأسماء معينة، وارتداء ثياب معينة، والممارسات الدينية الثقافية والدينية، توصف جميعها بـ “التطرف” من جانب الحكومة، إضافة إلى منعها في السنوات الأخيرة.

وقد توصل تحقيق لوكالة The Associated Press في عام 2020 إلى أن نساء الأويغور خضعن لفحوص حمل دورية قسرية، وأُجبرن على تركيب اللوالب وإجراء عمليات الإعقام والإجهاض. وذكر التقرير: “حتى في الوقت الذي تراجع فيه تركيب اللوالب وعمليات الإعقام حول البلاد، فإنها ترتفع ارتفاعاً شديداً في شينجيانغ”.

ويقول التحقيق إن تدابير تحديد النسل “مدعومة بحملات الاعتقال الجماعي التي تشكل تهديداً وكذلك عقاباً. إذ إن إنجاب عديد من الأطفال يعد سبباً رئيسياً لإرسال الأشخاص إلى معسكرات الاعتقال… حيث يُنتزع الآباء الذين لديهم ثلاثة أطفال أو أكثر من عائلاتهم إلا إذا دفعوا غرامات باهظة. وتداهم الشرطة المنازل، وتُروع الآباء في أثناء بحثها عن الأطفال المخفيين”.

تدعم شهادات عديد من النساء هذه التقارير الواردة من منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات البحثية. قالت زمرت داوت، التي قضت شهرين في ما يطلق عليه المجتمع الدولي معسكرات الاعتقال: “فقدنا جزءاً من أجسادنا، فقدنا هويتنا النسائية. قطعوا جزءاً من أعضائنا. لقد اختفى”.

على الجانب الآخر، يوضح التقرير التحليلي أن الحكومة “تحترم تماماً القرارات الشخصية (للنساء) حول استخدام وسائل منع الحمل الملائمة والفعالة التي تكون الآن متاحة للأزواج الذين في سن الإنجاب في شينجيانغ”.

تحديث:أبلغ موقع تويتر موقع Technica، وهو موقع يغطي أخبار التقنية، بأن تغريدة السفارة الصينية لم تنتهك سياساته ضد السلوك الباعث على الكراهية في 8 يناير/كانون الثاني. وبدا أن تويتر يتراجع عن هذا القرار في 9 يناير/كانون الثاني، نظراً إلى أن التغريدة لم تَعُد مرئية. ومع ذلك لا تزال التغريدات المماثلة التي تشير إلى “التغير السكاني” في منطقة شينجيانغ موجودة على منصة التواصل الاجتماعي.

هذا المقال مترجم عن TRT World

https://www.trtarabi.com/issues