الصين: مظاهر الاضطهادات التي يعانيها مسلمو تركستان الشرقية

Al Arabalaan, 31.03.2014

هذه القضية من قضايا الأمة الإسلامية الكبرى، أضعها بين أيدي إخواني المسلمين، الذين آمنوا بسمو الأخوّة الإسلامية فيما بينهم، وعزموا صادقين على أن يحموا الأمة المحمدية من الضياع والإبادة الجماعية، ألا وهي قضية تركستان الشرقية، التي احتلتها الصين الشيوعية عام 1949م، وغيرت اسمها إلى “شنجيانغ” (الأرض الجديدة)، في ظل غفلة المسلمين عن قضاياهم الماسَّة، ونتيجة لفُرقة المسلمين وتشتتهم.

وهي أرض إسلامية خالصة على عقيدة أهل السنة والجماعة، وتمتلك هذه الدولة الإسلامية الكبرى ثروات هائلة، وتتمتع بإمكانيات إقتصادية وإستراتيجية مهمة.

فقضية تركستان الشرقية قضية المسلمين المنسية، وهي مأساة إسلامية غابت عن أذهان كثيرٍ من المسلمين، وسوف أختصر الحديث بعد تعريف موجز أبرز الاضطهادات الدينية والسياسية والإجتماعية التي يعانيها الشعب التركستاني المسلم منذ ستة عقود من الزمن.

1 ـ الموقع الجغرافي:

تقع تركستان الشرقية في وسط آسيا الوسطى، وتحدها من الشمال كل من منغولينا وروسيا الاتحادية، وجهة الغرب كل من “قازاقستان وقرغزستان وطاجيكستان وأفغانستان”، ومن الجنوب باكستان وإقليم كشمير (داخل الهند) وإقليم التبت (داخل الصين)، ومن الشرق الصين (المحتلة لتركستان).

2 ـ المساحة :

تبلغ مساحة تركستان الشرقية 1.828.417 كيلو متر مربع، وهي بذلك تشكل خمس مساحة الصين كلها بما فيها مستعمرات الصين الشعبية مثل التبت ومنغوليا الداخلية، ومساحة وتشكل مساحة الصحراء فيها نحو 650 ألف كيلو متر مربع، بينما تبلغ مساحة الغابات حوالي 91 ألف كيلو متر مربع.

3 ـ السكان :

يعد التعداد السكاني للبلاد من القضايا المثيرة للجدل في تركستان الشرقية، ولم يسبق أن اتفق الجميع حيال تلك القضية، ولكن طبقًا لآخر “الإحصائيات الصينية” بموجب إحصاء عام 1990م يبلغ تعداد السكان في تركستان الشرقية من الأصل التركي المسلم أكثر من 9 مليون نسمة، من إجمالي سكانها البالغ أكثر من 21 مليون نسمة.

ويشار إلى أن “جهات مستقلة” قدرت تعداد السكان من الأصل التركي المسلم بحوالي 25 مليون نسمة.

4 ـ اللغة :

المسلمون التركستانيون يستعملون الأويغورية والقازاقية والقرغيزية، وهي لهجات محلية تنتمي إلى اللغة التركية، ويستعملون في كتابتها الأحرف العربية. أما اللغة الرسمية فهي الصينية .

5 ـ الجبال والأنهار:

سلسلة جبال “تنري تاغ” تتوجه إلى وسط تركستان الشرقية، وتقسم البلاد إلى قسمين: تركستان الشمالية الشرقية، وتركستان الجنوبية الشرقية، وتحسب أرض تركستان الشرقية من أبعد الأماكن إلى البحر، ويوجد فيها أربعون نهرًا، و12 بحيرة، وتضم ثلاثة من أكبر خمسة سلاسل جبلية موجودة في قارة آسيا.

6 ـ المدن:

يوجد في تركستان الشرقية 16 مدينة كبيرة، و126 بلدة، وأكثر من ثلاثة آلاف قرية كبيرة، وأهم مدنها: أورومتشي “العاصمة”، وكشغر وياركند وختن وآقسو وكورلا وقمول وطورفان وإيلي وآلتاي وآرطوش.

7 ـ دخول الإسلام إلى تركستان الشرقية:

وصل الإسلام إلى تركستان الشرقية في وقتٍ مبكر جدًّا منذ الفتوحات الكبرى على يد قتيبة بن مسلم الباهلي سنة 96 هجرية الذي وصل إلى حدود تركستان وفتح أجزاء منها ولو كانت محدودة منها.

وقد أثمر هذا الاتصال بين تركستان والعالم الإسلامي عن تحول التركستانيين إلى الإسلام في فترة حكم “ستوق بغراخان”، خاقان “الإمبراطورية القراخانية”، عام (323هـ – 943م)، وقد أسلم معه أكثر من مائتي ألف خيمة (عائلة) أي ما يقارب مليون نسمة تقريبًا.

وقد ضربت النقود باسم “هارون بوغراخان” حفيد “ستوق بغراخان”، ووسع رقعة مملكته فشملت أجزاء من التركستان الغربية، كما ارتقت البلاد في عهده في النواحي الحضارية المختلفة، وكتبت اللغة التركستانية باللهجة الأويغورية لأول مرة بالحرف العربي، وكانت أوقاف المدارس تُشكِّل خمس الأرض الزراعية، وقد تلقب “هارون بن موسى” هذا بلقب “شهاب الدولة وظهير الدعوة”، ونقش هذا اللقب على النقود التي سكت في عهده سنة (332هـ- 992م).

وقد لعب “القراخانيون” المسلمون هؤلاء دورًا مهمًّا في نشر الإسلام بين القبائل غير المسلمة؛ ففي سنة (35 هـ- 1043م استطاعوا استمالة أكثر من عشرة آلاف خيمة من خيام القرغيز إلى الإسلام أي ما يقارب خمسين ألف نسمة، وأظهروا الخضوع للخليفة العباسي، وضربوا العملة باسم الخليفة القادر، ودعوا له على منابر بلادهم.

8 ـ أبرز الإضطهادات التي يعانيها مسلمي التركستان الشرقية:

1 ـ حرمانهم من ممارسة الشعائر الدينية ومعاقبة كل من يقوم بها بالعقاب الصارم بموجب القوانين الجنائية.

2 ـ منع تعليم الدين الإسلامي، وفرض تدريس الإلحاد في المدارس والنوادي والتجمعات.

3 ـ منع طباعة ونشر الكتب الإسلامية بتاتاً.

4 ـ نشر الكتب والمطبوعات المعادية للإسلام ورفع الشعارات والملصقات التي تسيء إلى الإسلام وأحكامه وتعاليمه، مثل: الإسلام ضد العلم ـ الإسلام اختراع أغنياء العرب ـ الإسلام في خدمة الاستعمار.. وهكذا.

5 ـ اعتقال العلماء ورجال الدين واحتقارهم وفرض أعمال السخرة عليهم، وقتل من يرفض التعاون معهم ولا يرضى بإلحادهم وانتهاكاتهم.

6 ـ إجبار النساء على خلع الحجاب، وإلغاء العمل بالأحكام الشرعية في الزواج والطلاق والمواريث، وفرض الاختلاط، وتشجيع الزواج بين المسلمين والمسلمات مع المستوطنين الصينيين البوذيين؛ بغية تخريب العلاقات الأسرية الإسلامية.

7 ـ مصادرة أموال الناشطين في العمل الإسلامي بأي مجال كان، سواء كان بالتعليم والتدريس والتأليف والترجمة، وهدم بيوتهم ونفيهم من المناطق السكنية إلى الصحراء بعيدًا عن الناس وعن الجماعة.

8 ـ إجبار جميع رجال الدين على حمل تصاريح رسمية تمنح لهم على ضوء تقارير الجهات الأمنية التي تؤكد تعاونهم ومؤازرتهم لرجال السلطات الصينية والحزب الشيوعي، وتجدد لهم سنويًا حسب التقارير التي ترفع عنهم .

9 ـ إرسال الأئمة ورجال الدين إلى معسكرات العمل لإعادة تأهيلهم وفق المبادئ الشيوعية وتعاليم السلطات الصينية في التعامل مع شئون المسلمين الدينية والاجتماعية .

10 ـ استدعاء رجال الدين إلى المراكز الأمنية والمباحث بشكل دوري واستجوابهم، وإجبارهم على توقيع تعهدات بالامتناع عن تعليم أبناء المسلمين أحكام دينهم الحنيف، وتعليم قراءة القرآن الكريم في المساجد أو المنازل .

11 ـ الاكتفاء بالمساجد القائمة ومنع بناء مساجد جديدة وترميمها بحجة أنها كثيرة، وحظر استخدام مكبرات الصوت بدعوى أنها تسبب إزعاجًا للسكان.

12 ـ منع الشباب ممن هم دون سن 18عاما من التعليم الديني بأي شكل من الأشكال ومعاقبة الدارس والمدرس بالاعتقال والغرامات المالية.

13 ـ منع الشباب والنساء المسلمات من ارتياد المساجد والجوامع لأداء الصلاة والتعلم وحفظ القران الكريم، مع ملاحظة أن ذلك مسموح للمسلمين الصينيين في مناطق صينية أخرى.

14 ـ إجبار مدرسي وطلاب المدارس والمعاهد على الإفطار في شهر رمضان المبارك بتقديم الوجبات الغذائية لهم خلال النهار، وطرد وتغريم وحبس من يثبت صيامه وحرمانه من التدريس أو الدراسة.

15 ـ هدم مساجد مجاورة للمدارس الحكومية خشية من تردد الطلاب أو المدرسين إليها أو الالتقاء بمن يصلون فيها والاحتكاك بهم وانتقال “عدوى الصلاح والإيمان” إليهم.

16 ـ الاجبار على تحديد النسل بطفل واحد فقط لأهل المدن، وطفلين لأهل القرى والأرياف واجهاض الجنين قسرا لمن حمل أكثر من المسموح.

17 ـ التهجير القسري للمسلمين من تركستان الشرقية إلى مناطق صينية.

18 ـ التهجير العكسي للصينيين (الاستيطان) من عرقية “الهان” البوذية ـ التي تشكل غالبية السكان في الصين ـ إلى تركستان الشرقية، والتوطين هناك؛ وذلك بُغية تغيير التركيبة الديموجرافية للسكان.

19 ـ سياسة الإهمال التعليمي المتعمَّد للأويغور خاصةً، وللمسلمين عامة في تركستان الشرقية؛ فالمدارس والجامعات أقل كثيرًا في المستوى من نُظرائها في الصين.

20 ـ فرض اللغة الصينية على أبناء تركستان الشرقية ابتداءً من الروضة، وإهمال اللغة الأويغورية في المدارس والمعاهد والجامعات.

21 ـ نهب خيرات تركستان الشرقية من جميع أنواع المعادن كالذهب والبترول، وترك أهل تلك البلاد في فقر شديد وحرمانهم من ثرواتهم الطبيعية والاستفادة منها من خلال الاستثمار فيها.

22 ـ التعتيم الإعلامي عما يجري للمسلمين داخل تركستان الشرقية من حملات قمع وسياسات التضييق على أهلها في كافة مناحي الحياة.

23 ـ سياسة منع التواصل الفكري والثقافي مع العالم الإسلامي؛ لأن هذا التواصل قد يوضِّح الصورة الحقيقية للبلاد، مما قد يدفعها إلى توتر العلاقات مع الصين، وهذا يؤثِّر سلبا على الاقتصاد الصيني الذي يعتمد على التجارة الخارجية مع دول العالم الإسلامي.

والسؤال الذي لا بد أن يشغلنا الآن بعد معرفة هذه المظالم للإسلام والمسلمين في هذه الدولة الإسلامية المحتلة، وبعد معرفة الثروات الهائلة التي يمتلكها هذا الإقليم العظيم، وبعد إدراك مدى الطغيان الصيني في التعامل مع هذا الملف….

السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا أنتم فاعلون أيها المسلمون؟! وماذا نحن فاعلون؟! هل ستقف الأمة الإسلامية مكتوفة الأيدي في هذه المسألة؟! أوَليست هناك حقوق لنا على العالم الإسلامي كجزء من جسد هذه الأمة الإسلامية؟! فتركستان الشرقية أمانة في أعناقكم أيها المسلمون.

أخبار متعلقة

http://www.alarabalaan.com/news-27070.html