الصمت على جرائم الصين جريمة

الصمت على جرائم الصين جريمة

Turkistantimes , 12.05.2018

رقية توردوش

تقوم الصين في تركستان الشرقية في حق مسلمي تركستان الشرقية الأويغور بجرائم مروعة كل واحدة منها تندرج تحت الإبادة الجماعية بحسب تعريف الأمم المتحدة لها سنة 1948، جاء في موادها:

(ب) إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة.

(ج) إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليًا أو جزئيًا.

(د) فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة.

نعم، لا تقتل الصين الأويغور بالأسلحة والرصاصات في العلن أمام أعين العالم، ولكنها تسجن الأويغور في معسكرات لغسل الدماغ تشبه المعسكرات النازية، تقوم بتعذيبهم وإذلالهم جسديا ونفسيا.. تفصل الأطفال عن أسرهم.. تمنع اللغة الأويغورية وتحجر على الثقافة الأويغورية .

الصين تمنع الإسلام عبر قوانين وإجراءات قاسية وتجبر المسلمين الأويغور على أكل لحم الخنزير. الإبادة الثقافية هذه هي إبادة جماعية بمفهومها العادي وهي من سياسات التطهير العرقي والاستعماري التي تمارسها الحكومة الصينية من أجل إبادة وإزالة شعب الأويغور وحضارتهم ودينهم من الوجود.

ملاجئ الأيتام

أنشأت الصين ملاجئ الأيتام في تركستان الشرقية لأطفال الأويغور خصيصا وهي تشبه بشكل كبير نظام المدرسة الداخلية لأطفال الهنود الحمر التي أنشئت في كندا ما بين سنوات 1880-1900 . في ذلك الوقت حوالي 150 ألف من أطفال السكان المحليين أخذوا عنوة من أسرهم ووضعوا في تلك المدارس الداخلية.

أما في الملاجئ الصينية التي وضعت فيها أطفال الأويغور في تركستان الشرقية فتتم مراقبتهم على مدار 24 ساعة يوميا من قبل المعلمين الصينيين. الأولاد والبنات يلبسون نفس الملابس وبنفس قصة الشعر على طريقة الصينية. يمنعون من الكلام بلغتهم.. يتم تلقينهم تعاليم كونفوشيوس الصينية.. ممنوعون من الأكل الحلال كذلك.

الرسالة التالية أرسلتها إحدى معلمات الأويغور إلى أختها في أوربا:

“أحيانا أزور الحضانة لزيارة صديقتي الصينية، وهي معلمة في الحضانة. كلما أذهب هناك يأتي إلي الأطفال ويعانقونني لا يريدون تركي.. إنهم يظنون أنني أمهم”.. وأضافت “أنا المعلمة الأويغورية الوحيدة في المدرسة، لا يسمح لنا الكلام بالأويغورية. قد أعاقب إذا قمت بشراء دفتر الكتابة للاطفال الذين لا يملكون ثمنها. نسيت أنهم مراقبون من قبل المعلمين الصينين على مدار 24 ساعة يوميا. يتحكمون في كل شيء الطعام ، الملابس ، الحديث، والسلوك”.

ولأن الصين تتحكم في تدقيق المعلومات بشكل صارم وبما أن الإعلام الرسمي الصيني غير موثوق فالأمر صعب جدا لمعرفة كم عدد الأطفال الذين تم وضعهم في تلك الملاجئ الصينية من أجل تنشئتهم صينيا. ولكن يظهر من الصور والفيديوهات التي تنشره الإعلام الصيني أن العدد كبير جدا.

معسكرات غسل الدماغ

ذكر تقرير إذاعة آسيا الحرة أن 10% من سكان مدينة كاشغر تم وضعهم في معسكرات غسل الدماغ، وأن الحكومة الصينية أمرت كذلك بحبس ما يقرب من 40% من سكان مدينة خوتان في تلك المعسكرات.

حسب الإحصاءات الصينية الرسمية يبلغ عدد الأويغور في تركستان الشرقية 12 مليونا. ويقدر عدد الأويغور في مدينتي كاشغر وخوتان حوالي 5 ملايين. وبحسب ما جاء في تقرير إذاعة آسيا الحرة يمكن التقدير بأن حوالي مليون شخص من الأويغور قد تم حبسهم في معسكرات غسل الدماغ في المدينتين فقط.

أي شخص من الأويغور أو القازاق يؤمن بالإسلام يحبس في معسكرات غسل الدماغ. ومن له أقارب في خارج الصين ، زار أو درس في خارج الصين أو حث لاستخدام اللغة الأويغورية ووثقافتها، ومن رفض الزواج من الصينيين او رفض أكل الأطعمة غير الحلال يكون أكثر عرضة للاعتقال والحبس. أقارب المهاجرين في الخارج أرسلوا مثل هذه الرسائل ثم قطعوا خطوط هواتفهم وبعدها يتم سجنهم.

الأخبار التي تم الحصول علىيها من الإعلام الصيني ووسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن الأشخاص الذين رفضوا الاشتراك في أنشطة الحزب الشيوعي الصيني، والأشخاص الذي تخلفوا عن الحضور في مراسم رفع العلم الصيني، والاشخاص الذين لا يحتفلون بعيد رأس السنة الجديدة الصينية، والأشخاص الذين لا يتكلمون الصينية بطلاقة معرضون للاعتقال في معسكرات غسل الدماغ كذلك .

صور اعتقال الأويغور في وسائل التواصل الاجتماعي تدمي القلوب. انتشر فيديو لشاب مكلوم في وسائل التواصل الاجتماعي وهو يعكس معاناة كل أفراد الأويغور في المهجر. ففي الفيديو تحدث شاب من أوربا كيف أن الحكومة الصينية اعتقلت زوجته وووضعتها في معسكر غسل الدماغ وفرقوا بينها وبين ابنه الرضيع ذي السبعة أشهر بينما هو (الزوج) كان في أوربا وقال: إن زوجته لم ترتكب أي جريمة ومع ذلك اعتقلت. لقد أثرت الحادثة في قلب كل أويغوري في المهجر مما زاد من مطالبتهم للعدالة والحرية واستقلال تركستان الشرقية .

إمرأة من الأويغور كتبت إلى صديقتها في Wechat : لدى الحكومة الصينية الكثير من التهم لإرسال الناس إلى معسكرات غسل الدماغ ، تستهدف أي شخص غير واضح في أيديولوجياته وتوجهاته. لا يمكنك معرفة ما هو الخطأ في أيديولوجيتك. لا تندهشي إذا اختفيت .. كلنا كالغنم الذي ينتظر دوره في الطابور، لا نستطيع رفع رؤوسنا وننظر إلى السماء. لا نستطيع التنفس براحة. لا تنسي أن ترفع رأسك وتنظر إلى السماء من أجلنا ..”

إنها محقة . الكثير من الأويغور اعتقلوا بلا سبب في معسكرات غسل الدماغ التي تدعيها الصين ب”مراكز إعادة التأهيل” .. بالفعل أشارت استطلاع رأي نشرته الحكومة الصينية بأن الكثيرين من المعتلقين لا يعرفون لماذا اعتقلوا.

تيموثي جروس أستاذ مساعد في الدراسات الصينية بمعهد روس-هولمان للتكنولوجيا أشار في تغريدة له عبر حسابه في تويتر يوم 9 أبريل 2018 إلى استطلاع رأي أجرته مدرسة الحزب الشيوعي في شينجيانغ . أشارت الاستطلاع بأن ثلثي المشاركين أجابو بأنهم لا يعرفون سبب اعتقالهم. بعد انتهاء مدتهم في معسكرات غسل الدماغ 98% منهم أوقفوا أنشطتهم “الدينية الغير القانونية”. 98.8% منهم أعربوا عن استعدادهم للإبلاغ عن الأخرين.99% منهم قالوا أنهم سيخبرون قصصهم للعبرة إلى الآخرين . هذا يظهر بوضوح بأن المعتلقين في المعسكرات أجبروا على الاعتراف بأشياء لم يرتكبوها فعلا.

لم يستطع أحد ممن خرج من معسكرات غسل الدماغ السفر إلى خارج الصين . باستثناء حالات قليلة جدا مثل حال مواطن من قازاقستان كان قد اعقتل ووضع في معسكرات غسل الدماغ أفرج عنه حديثا ورجع إلى دولته. المعلومات التي سربها مثل هؤلاء الأشخاص تشير بوضوح بأن المعسكرات التي تقول عنها الصين ب”معسكرات إعادة التأهيل” ماهي إلا أداة لتطبيق سياسة التطهير العرقي .

من الصعب التأكد مما يحدث في تلك المعسكرات بالتفصيل.. الشاهد عمر بك (مواطن قازاقستاني) أكد بأن الأويغور يجبرون على أكل لحوم الخنزير، يتلقون معاملة السجناء. هو نفسه تعرض للتعذيب والإهانة على الرغم من كونه يحمل الجنسية القازاقستانية.

المحلل المستقل من مجموعة حقوق الإنسان المسيحي في الصين China Aid أكد بأن الاويغور يجبرون على أكل لحوم الخنزير(1)

حسب شبكة الأخبار التابعة للمجموعة قال مواطن من القازاق قبل موته في سنه ال87 “تقوم السلطات الصينية بإذاعة الدعايات الشيوعية عبر المكبرات بصوت مرتفع في معسكرات غسل الدماغ. بعض الأشخاص انهاروا وفقدوا عقلهم بسبب ذلك وأنهم أجبروا على شرب الخمر وأكل رأس الخنزير”.

تسمي السلطات الصينية هذه المعسكرات ب”معسكرات إعادة التأهيل” لأنها مصممة لإعادة تأهيل الناس الغير واضحين أيديولوجيا. بحيث تصيرهم إلى أيديولوجيا وأفكار توافق أفكار الحزب الشيوعي . أكدت المصادر الأويغورية بأن هذه المعسكرات صممت لغسل الدماغ والتطهير العرقي ثقافيا ودينيا لشعب تركستان الشرقية . أغلب الأويغور في المهجر لديهم على الأقل قريب أو أكثر اعتقلوا ووضعوا في تلك المعسكرات. وهم ممنوعون من الاتصال بأي شكل من الأشكال بالخارج . تنتشر التعذيب والقتل من قبل الحراس المسلحين .. لديهم أوامر بأن 80% من المعتقلين يجب معاقبتهم بقسوة (2)

إن هذه النسبة للاعتقالات تحدد مسبقا أي قبل حصول الجريمة. أغلب الأحيان عدد الأفراد الذين من المفترض اعتقالهم يتم تحديده مسبقا في كل مدينة حتى تلغ النسبة التي حددتها الحكومة.

ذكرت إذاعة آسيا الحرة عن حوادث الموت في معسكرات غسل الدماغ. فوالد طفلين مات حديثا في إحدى المعسكرات ، ومراهق آخر قتل في معسكر آخر(3)

منذ سنة تم الأفراج عن عدد قليل جدا ممن يمكن للصين استخدامهم كدعاية لسياساتها. لقد تم الإفراج عنهم ليتحدثوا عن سياسة الحكومة إلى بقية المواطنين. فرع الحزب الشيوعي في مدينة كاشغر ومحافظة فيض آباد نشروا في موقعهم على الانترنت فيديوهات لأحاديث هؤلاء الأشخاص. ففي إحداها شرح رجل وامرأة 26 علامة للفكر الديني غير القانوني و75 علامة للفكر الديني المتطرف حسب القانون الصيني في شينجيانج (تركستان الشرقية). ثم تحدثوا عن التعهد الذي يجب أن يتبعه الفلاحون وسياسة الطفل الواحد وأمن الصين قبل كل شيء. كلها أمور تعلموها بشكل مكثف في معسكرات غسل الدماغ . على كل حال تم إزالة الفيدويهات من الموقع بعد عدة أيام.

علاقة غريبة

كما قال السيد آلكسندر دشمكن المدافع عن الحقوق المدنية والصحفي الأمريكي : أي شيء يتم الحصول عليه عن طريق تخويف الناس يعتبر خطأ. أي شيء يحرم الناس من كرامتهم يعتبر خطأ. ” ليس خطأ فحسب لكن إهانة كرامة الناس جريمة مخزية. على كل، تعتقد الحكومة الصينية بأن الهجوم وإهانة كرامة الأويغور وإذلالهم من خلال انتهاك خصوصياتهم وحقوقهم الأساسية سوف تسهل اسبتعادهم وتطويعهم.

جزء من خطة الصين المسمى ” حملات الصداقة العرقية والاستقرار”(4) تجبر المسلمين الأويغور والصينيين الهان المستوطنين في تركستان الشرقية- مجموعتين معاديتين – إلى حب بعضعم البعض .

طبقت هذه السياسة من طرف أمين عام الحزب الشيوعي الصيني في إقليم شينجانغ ذاتي الحكم ( تركستان الشرقية) تشين تشوانجو. المئات من صورالمسلمات الأويغور على مائدة مع الرجال الصينين في بيوتهن . قامت الحكومة الصينية كذلك بنشر فيديوهات في موقع يوتيوب تظهر نساء الأويغور يضحكن يقلن ” زوجي يتعافى في معسكر إعادة التأهيل ، وأني أم وحيدة أعاني مع أولادي، ولكن أقاربي الصينيين يسكنون معنا يساعدوننا” .. وهناك فيديو يظهر بأن رجالا صينيين يعدون الطعام مع نساء الأويغور . في أي ثقافة من الثقافات مثل هذا الاختلاط غير مقبول إطلاقا، السماح للغرباء من الرجال للاختلاء مع الزوجات بينما الرجال الأزواج ليسوا في البيت فضلا عن كونها انتهاكا جسيما للخصوصية. حسب المصادر الغير رسمية في إحدى الحالات قتلت امرأة من الأويغور رجلا صينيا يسكن في بيتها بينما كان زوجها معتقلا في معسكر غسل الدماغ . انتقاما لذلك قتلت القوات الصينية المرأة وأولادها. وهناك حالات أخرى كثيرة عن انتحار النساء حفاظا على شرفهن . على كل وضعت السلطات الصينية قيودا مشددة على تداول الأخبار ولم ينشر الإعلام الصيني أي شيء عن مثل تلك الحوادث والحالات. الكثير من النساء الأويغور أجبرن على قبول هذه السياسة الظالمة لأنهن لا يردن الاعتقال في معسكرات غسل الدماغ وترك أطفالهم في ملاجئ الأيتام.

في شهر فبراير2018 طفلة ذات أربعة أعوام أرسلت الرسالة التالية بالصوت إلى أبيها الذي يدرس في كندا:

“أبي تقول الشرطة أنك ارتكبت الكثير من الجرائم في الخارج، سببت في متاعب كثيرة لي ولأمي . فبسبب ذلك يقيم أحد الشرطة معنا لحمايتنا. يجب أن تشكره على ذلك ..”

صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم أمر مشين . على الرغم من الإجراءات الصينية المجحفة تتطابق مع بنود الإبادة الجماعية إلا أن الحكومات الأجنبية وخاصة حكومات الدول الإسلامية لم تقم بأي جهد يذكر من أجل إقناع أو إجبار الحكومة الصينية من أجل إيقاف هذه السياسات. بينما تتعامل بعض الدول العظمى مثل أمريكا وكندا مع تاريخها العرقي، الدول الأخرى مشغولة بالتوازن بين المبادئ والمصالح. لا شك أن المكاسب في التجارة مع الصين كبيرة ولكن تجاهل مبادئ العدالة والحقوق سيكتب في جبين تلك الدول .

https://medium.com/@rukشiyeturdush/chinas-crimes-should-not-be-ignored-6331feb98f99

1 – http://www.breitbart.com/national-security/2018/04/13/analyst-beijing-forcing-chinese-muslims-eat- pork/amp/?__twitter_impression=true

2 – https://www.rfa.org/english/news/uyghur/camps-10092017164000.html

3- https://www.rfa.org/english/news/uyghur/teenager-03142018154926.html

4 – http://www.xjdrc.gov.cn/rdzt/mztjyjq.htm