قاعدة بيانات صينية تكشف عن آلاف المعتقلين في تركستان الشرقية
المصدر: تركستان تايم
نورسيمانجول عبد الرشيد تقيم الآن في تركيا، فقدت الاتصال بأسرتها قبل خمس سنوات، ياسين أقجول، وكالة فرانس برس.
فرانس 24، 13/05/2022
بكين (أ ف ب)
كشفت نورسيمانجول عبد الرشيد عن مكان وجود أفراد عائلتها المفقودين، الذين اختفوا في حملة القمع التي تشنها الصين على تركستان الشرقية من خلال قائمة مسربة تضم الآلاف من الأويغور المعتقلين.
ويقدر الباحثون أن أكثر من مليون من الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى محتجزون في شبكة سرية من مراكز الاحتجاز والسجون، كجزء من حملة ما تصفه الصين مكافحة الإرهاب.
ومع ذلك، فإن المعلومات المتعلقة بالقمع في تركستان الشرقية – وأولئك الذين تورطوا فيها – تخضع لرقابة مشددة من قبل السلطات الشيوعية الصينية.
وقد ترك ذلك الأقارب غير قادرين على الاتصال بالمحتجزين أو الاستفسار من الشرطة، مع توفر جزء بسيط من إخطارات المحكمة من تركستان الشرقية لعامة الناس.
نورسيمانجول عبد الرشيد، التي تقيم الآن في تركيا، فقدت الاتصال بأسرتها منذ خمس سنوات.
واستغرق الأمر حتى عام 2020 حتى تؤكد السفارة الصينية في أنقرة أن شقيقها الأصغر محمد علي، وكذلك والديها، قد سُجنوا بسبب جرائم تتعلق بالإرهاب.
لكن تم تسريب قائمة للشرطة مشتبه بها إلى نشطاء الأويغور خارج الصين حددت موقع محمد علي في سجن خارج مدينة أقسو، على بعد حوالي 600 كيلومتر (375 ميلاً) من منزلهم.
وتظهر الوثائق أنه حكم عليه بالسجن 15 عاماً و 11 شهراً – وهو ما أكدته سفارة بكين في أنقرة.
وقالت نورسيمانجول عبد الرشيد (33 عاماً) لوكالة فرانس برس من إسطنبول حيث تقيم منذ عام 2015 “هذا أفضل من عدم معرفة أي شيء عن مكانه. لقد شعرت يالقليل من الارتياح. أتحقق من الطقس هناك أحياناً لأرى ما إذا كان بارداً أم دافئاً.
لا أستطيع التنفس
تسرد قاعدة بيانات لم يتم الإعلان عنها سابقاً أكثر من 10000 سجين من الأويغور من مقاطعة كونشير في جنوب غرب تركستان الشرقية – بما في ذلك أكثر من 100 شخص من قرية نورسيمانجول، ولقد اطلعت وكالة فرانس برس على قاعدة البيانات.
توثيق تركستان الشرقية، جون سايكي، وكالة فرانس برس
ولا يزال موقع والديها مجهولاً، وكذلك موقع شقيقها الأكبر الذي يُعتقد أنه معتقل أيضاً.
تعرفت نورسيمانجول على أسماء سبعة قرويين آخرين في قائمة المعتقلين – جميعهم من أصحاب الأعمال الصغيرة أو عمال المزارع، حيث تقول إنه ليس لديهم صلة بالإرهاب.
قالت: أشعر أنني لا أستطيع التنفس عندما أبحث في هذه القائمة.
توضح القائمة المسربة اسم كل سجين وتاريخ ميلاده وعرقه ورقم هويته وتهمته وعنوانه ومدة عقوبته وسجنه.
لم يكن من الممكن التحقق بشكل مستقل من صحة قاعدة البيانات.
لكن قامت وكالة فرانس برس بإجراء مقابلات مع خمسة من الأويغور يقيمون خارج الصين، وقد تعرفوا على أقاربهم ومعارفهم المعتقلين في القائمة.
بالنسبة للبعض كانت هذه هي المعلومات الأولى التي تمكنوا من الوصول إليها عن أقاربهم منذ سنوات. وأظهرت قاعدة البيانات أنه تم اعتقال المئات من كل بلدة وقرية، وكثير منهم من نفس الأسرة.
قال ديفيد توبين، المحاضر في دراسات شرق آسيا بجامعة شيفيلد في بريطانيا، “هذه ليست مكافحة إرهاب واضحة الهدف”.
“يذهبون إلى كل منزل ويعتقلون عدداً من الأشخاص. إنهم يستهدفون مجتمعاً بشكل تعسفي ويفرقونه في جميع أنحاء المنطقة.”
وسُجن أشخاص بتهم واسعة النطاق، من بينها “حشد مجموعة لتعطيل النظام الاجتماعي” و “الترويج للتطرف” و “إثارة الخلافات والمشاكل”.
تُظهر البيانات الحكومية أن عدد الأشخاص الذين حكمت عليهم محاكم تركستان الشرقية ارتفع من حوالي 21000 في عام 2014 إلى أكثر من 133000 في عام 2018.
تم إرسال العديد من الأويغور الآخرين، الذين لم توجه إليهم أي اتهامات، إلى ما يسميه النشطاء “معسكرات إعادة التعليم” المنتشرة في جميع أنحاء تركستان الشرقية.
في هذه المعسكرات وجدت الحكومات الأجنبية والجماعات الحقوقية أدلة على ما يصفونه بالعمل القسري والتلقين السياسي والتعذيب والتعقيم القسري، بينما تصفها بكين أنها “مراكز التدريب المهني”.
وصفت الولايات المتحدة والمشرعون في عدد من الدول الغربية الأخرى معاملة بكين للأويغور بأنها إبادة جماعية.
ومن المقرر أن تقوم مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليت بزيارة طال انتظارها إلى الصين بما في ذلك تركستان الشرقية هذا الشهر. لكن النشطاء يحذرون من أنه لن يُسمح لها بإجراء تحقيق مستقل في انتهاكات الصين.
شخص من كل منزل
مع تصاعد حملة بكين الإيديولوجية “الضرب بقسوة” بحجة التطرف الإسلامي في عام 2017، تضاعفت نسبة أحكام السجن لأكثر من خمس سنوات ثلاث مرات تقريباً عن العام السابق.
استغرق الأمر حتى عام 2020 حتى تؤكد السفارة الصينية في أنقرة أن شقيق نورسيمانجول عبد الرشيد الأصغر محمد علي، وكذلك والديها، قد تم سجنهم في تركستان الشرقية، ياسين أكجول.
تم الحُكم على معظمهم في محاكمات مغلقة.
وقال عبد الولي أيوب، الناشط الأويغوري المقيم في النرويج، لوكالة فرانس برس إنه تعرف على أسماء حوالي 30 من أقاربه وجيرانه في القائمة المسربة.
قال عبد الولي: في قرية توغوزاق، مسقط رأس والدي، وأوبال، قرية والدتي، يمكنك أن ترى أن كل منزل به شخص معتقل”، مضيفاً أنهم كانوا غالباً تجاراً ومزارعين أميين.
كان ابن عمي مجرد مزارع. إذا سألته ما هو” الإرهاب “، فلن يتمكن حتى من قراءة الكلمة، ولا حتى فهمها”.
وتُظهر قاعدة بيانات الشرطة المسربة الثانية التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس 18000 أويغور آخرين، معظمهم من محافظتي كاشغر وأقسو، وقد اعتُقلوا بين عامي 2008 و 2015.
ووجهت إلى الغالبية العظمى منهم تهم غامضة تتعلق بالإرهاب.
تم ربط عدة مئات من الأويغور بأعمال شغب أورومتشي عام 2009 التي قُتل فيها ما يقرب من 200 شخص. وتم اتهام أكثر من 900 شخص بصناعة متفجرات.
وذكرت ما يقرب من 300 حالة مشاهدة أو حيازة مقاطع فيديو “غير قانونية”.
قال أحد الأويغور الذي يقيم في أوروبا، لا يرغب في الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس إنه تعرف على ستة أصدقاء في القائمة الثانية، من بينهم شخص كان يبلغ من العمر 16 عاماً وقت الاعتقال.
وقال لوكالة فرانس بريس: شعرت بالذهول لرؤية الكثير من الأشخاص الذين اعرفهم.
متناغم ومستقر
وتنفي بكين بشدة أنها تضطهد الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في تركستان الشرقية. وتصف معاملتها للأويغور بأنها رد مشروع على التطرف، وتقول إنها أنفقت مليارات الدولارات على التحديث الاقتصادي للمنطقة الفقيرة.
وكتبت وزارة الخارجية الصينية رداً على أسئلة وكالة فرانس برس على القائمة المسربة “لقد انكرنا بالفعل الأكاذيب الملفقة لبعض المنظمات والأفراد بشأن تركستان الشرقية”.
مجتمع تركستان الشرقية متناغم ومستقر … وجميع الأقليات العرقية تتمتع بمختلف الحقوق الكاملة.
ومع ذلك، تحاول نورسيمانجول من شقتها الصغيرة المليئة بالنباتات في اسطنبول، أن تتمالك نفسها لتحيا حياة طبيعية بعيداً عن الاضطراب والخوف والخسارة لكونها أويغورية.
وقد أخبرت ابنتها الصغيرة مؤخراً عن أقاربها المفقودين وقالت إن القائمة المسربة كانت تذكيراً صارخاً بكفاح شعبها.
قالت “لقد تضاعفت آلامي”.
ترجمة/ رضوى عادل