الحكومة الصينية تكرس التغيير الديموغرافي في شينجيانغ
2015.11.05 الوطـــن الإلكترونية
بكين – أ ف ب: تعمل فانغ منذ فترة قصيرة في أحد فنادق شينجيانغ، على الحدود الغربية للصين.لا تربطها أي صلة بالمكان، لكنها فعلت ما يفعله مهاجرون من سائر انحاء البلاد، يؤدي تدفقهم الى الاخلال بديموغرافية هذه المنطقة التي يشكل المسلمون اكثرية سكانها.
وبعد رحلة مرهقة بالقطار من شيان (شمال)، تسلمت فانغ ليهوا التي تناهز العشرين عاما، وظيفة عاملة استقبال في هوتان.لكن ما يستأثر باهتمامها في هذه المدينة الواحة على تخوم صحراء تاكلاماكان، على طريق الحرير القديم، ضئيل جدا.
وقالت «اكره هذه المدينة.انها منطقة غريبة عني، اعتقد اني لن اتمكن من البقاء هنا لفترة طويلة».
وفانغ مع زوجها العامل في قطاع البناء، من اوائل المستفيدين من التسهيلات الجديدة التي كشفت عنها بكين قبل ستة اشهر للمهاجرين الجدد الذين يوافقون على الاستقرار في شينجيانغ.
«الايغور» و«الهان»
ويناهز عدد سكان هذه المنطقة الشاسعة عشرة ملايين من الاويغور المسلمين الناطقين بالتركية.ويقيمون مع البلدان المجاورة في آسيا الوسطى، علاقات ثقافية تفوق علاقاتهم مع باقي انحاء الصين واتنية الهان، اي الاكثرية الساحقة من الشعب الصيني.
ويواجه الأويغور تدفقا متزايدا وكثيفا من الصينيين من اتنية الهان.ففي اعقاب عقود من الهجرة المنظمة، شكل الهان %38 من سكان شينجيانغ في 2011، في مقابل %6 في 1949.وتسعى السلطات الصينية الى تسريع وتيرة هذه الحركة، فيما تواجه شينجيانغ اعمال عنف متفرقة ودامية، تعزوها السلطات الى انفصاليين اسلاميين. وقد اسفرت كما تفيد الاحصاءات الرسمية عن اكثر من 200 قتيل العام الماضي في المنطقة.وتخضع الهجرات الى المدن في اماكن اخرى من الصين لرقابة صارمة، ويكافح الواصلون الجدد طوال سنوات للحصول على اذن بالاقامة (هوكو)، يعد مثابة مفتاح سحري يتيح العمل في الادارات الرسمية والاستفادة من المساعدات الاجتماعية. لكن المستوى التعليمي والكفاءة المهنية، باتا غير مطلوبين في جنوب شينجيانغ للحصول على الهوكو.وتعتبر هذه المرونة اصلاحا قيد التجربة.ويقول جايمس ليبولد خبير الشؤون الصينية في جامعة لا تروب الاسترالية ان «هدف بكين في الواقع هو تنشيط هجرة الهان الى شينجيانغ، حتى لو لم تعلن ذلك صراحة، وتشجيع الاختلاط بين الاتنيات».
مراقبة الكترونية
وفي المقابل، استحدثت بطاقة مغناطيسية لتسجيل اي تنقل داخل شينجيانغ.وتستهدف هذه القيود بشكل اساسي الاويغور الذين يواجهون عددا كبيرا من نقاط التفتيش.وتسعى الحكومة من جهة اخرى الى كبح النمو السكاني للاويغور.وتشجع لافتات منتشرة في هوتان المقيمين فيها «على انجاب عدد اقل من الاطفال، حتى يتمكنوا من الاثراء على الفور» بفضل علاوة تبلغ 3000 يوان (435 يورو). وتمنح هذه العلاوة الى الزوجين اللذين يقرران عدم انجاب طفل ثالث – يحق للاويغور به، لان القانون المسمى الطفل الواحد لا يطبق على الاقليات.ويقول ليبولد ان الهواجس المتصلة بالامن وفرص العمل المتواضعة، غالبا ما تحمل الراغبين في الهجرة من الهان على العدول عن هذه الخطوة.لكن الفارق في نظر صينيي المناطق الريفية، ينجم عن امكانية الحصول في شينجيانغ على امتيازات سكان المدن التي لا ينالونها في مناطق اخرى.وقال دو يون الذي يعمل في ورشة بعد وصوله في نوفمبر، «أفضل الهواء في سيشوان حيث لا عواصف رملية.لكن المساعدات الاجتماعية افضل في المدن».ومسالة الاختلاط غير واردة.
فوراق
فمجموعتا الاويغور والهان تعيشان منفصلتين، ولا يتحدث اللغة الاويغورية اي من عشرين صينيا من اتنية الهان التقتهم وكالة فرانس برس.وفي احدى الاسواق الكبيرة في المدينة، فان الزبائن والتجار جميعهم تقريبا من الاويغور الذين يتهمون المهاجرين الهان برفع الاسعار المحلية.وقال عبد الجان بينما كان يشتري خروفا ان «كل المساعدات الحكومية تذهب الى جيوب كبار المسؤولين.لا نستيطيع ان نقول شيئا، ليست لدينا اي سلطة».
واوضح ليبولد ان «الهان يعيشون في مجموعات تحت حراسة الجيش الصيني.الثقة بين الاتنيات معدومة».ورغم عدد سكانها البالغ 300 الف نسمة، تشيه هوتان لدى حلول الليل، مدينة اشباح.ويخشى معظم الهان الذين تخيفهم الحوادث المميتة مغادرة منازلهم.اما الذين يرقصون في الساحة العامة على ضوء المصابيح، قرب نصب الزعيم الراحل ماو تسي تونغ، فانهم يحظون بحماية عناصر الشرطة.ويدفع وجودهم في كل مكان الاويغور الذين يتضايقون من عمليات التفتيش الامنية، الى مغادرة الشوارع مساء.وقال اويغوري طلب التكتم على هويته «شرطة ونقاط تفتيش وبنادق، هي كل ما يحتاج اليه الهان حتى يشعروا بالامان».