أعياد الأمة بين المعذبين فى الأرض والمفرطين فى العرض
كم مرت علينا من أعياد فى المائة سنة المنصرمة الأخيرة البائسة القاسية على المسلمين وبلدانهم؛ فمن سقوط الخلافة العثمانية وإلغاؤها رسميا فى 3\3\1924م، إلى استعمار بلدان العالم الإسلامى واضطهاد المسلمين فى شتى أرجاء الأرض، إلى سقوط فلسطين عام 1948م وقيام الكيان الصهيونى صنيعة الغرب المجرم إسرائيل، وسقوط تركستان الشرقية فى يد المستعمر الصينى الشيوعى فى 1\10\1949م بعد مذابح مهولة، ناهيك عن الانفصال الدامى لباكستان عن الهند ومآسى كشمير وأراكان والفلبين؛ وحدث ولا حرج عن فظائع الاستعمار الأوروبى فى مختلف أنحاء أفريقيا فى الجزائر، تنجانيقا وزنجبار، مالى وبلدان الساحل الغربى والسودان ووسط القارة السوداء، وباختصار لقد طال الإجرام الغربى الاستعمارى الإرهابى كل بلدان العالم الإسلامى فى اضطهاد تدميرى غير مسبوق للأمة ولدينها وحضارتها.
فى خمسينيات وستينيات وحتى تسعينيات القرن الماضى غادر المستعمرون أغلب بلدان العالم الإسلامى مع بقاء بعض البلدان الهامة كفلسطين وتركستان الشرقية تحت الاحتلال، لكن وللأسف الشديد سلمت السلطة لطوائف حاكمة مجرمة لا يعدون سوى وكلاء للاستعمار الذى رحل وترك أذنابه ينفذون مهام الاستعمار فيضطهدون الشعوب ويستنزفون الثروات ويحاربون الدين ويضعفون الأمة.
ويبدو أننا فى أحلك اللحظات وأشدها قسوة على الأمة الإسلامية فقد بلغ الظلم منتهاة بما يجرى فى فلسطين المحتلة والقدس قبلة المسلمين الأولى منذ 7\10\2023م من جرائم إبادة جماعية للشعب الفلسطيني فى غزة والضفة الغربية؛ وبما جرى ويجرى لملايين المسلمين فى تركستان الشرقية منذ عام 2017م فى معسكرات الاعتقال الجماعى من إبادة ثقافية وتعذيب وقتل واغتصاب ممنهج فضلا عن الاضطهاد الدينى ومصادرة الممتلكات والإجهاض القسرى والتطهير العرقي فى عموم الأراضى التركستانية 1,8مليون كم2 وكل فنون الاضطهاد الصينى الوقح خلف الستار الحديدى للصين الشيوعية. ويعجز القلم عن الاستمرار وسرد ما يحدث فى أراكان وكشمير وغيرها.
يجرى كل ذلك ومنظمات وحكام المسلمين وكلاء الاستعمار نيام – عمدا- يعجزون حتى عن انتقاد المآسى التى تضرب الأمة أو الحديث عنها، وإن نطقوا ففى رخاوة كأنهم يستزيدون المجرم ليستمر فى إجرامه، بل وللوقاحة يستمدون حبال الود والعون مع المعتدى. أما الشعوب المسلمة – إلا قليلا – فهى إما غارقة فى بؤسها الذى صنعه المستعمرون الجدد من أبنائها وكلاء الاستعمار، أو غارقة فى متعها الفانية التى يجرهم إليها حكامهم جرا ليحولونهم إلى قطعان سائمة تعيش تبحث عن شهوات تنسيها أنها خير أمة أخرجت للناس؛ وفى كل الأحوال هى خارج حسابات القوة حتى تستفيق وتسترد وعيها.
ما أحلك اللحظة التى تعيشها الأمة!!! هل لازال فى الغيب أشد مما نحن فيه…؟؟؟. إن أحلك اللحظات هى التى تسبق الفجر الذى نسأل الله أن يكون قد قرب.
يحل علينا عيد الفطر لعام 1445هـ – 2024م والأمة فى هذا الحال، فاللهم اجعله آخر الأعياد الحزينة على أمة طال حزنها.
د/ عز الدين الوردانى
كاتب متخصص فى شؤون وسط آسيا