أساليب الصين الماكرة للتغطية على جرائمها ضد الأويغور
إعداد جَولان، مراسل إذاعة آسيا الحرة من واشنطن.
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم أجمع إلى غزة وتتهم الغالبية العظمى من الدول إسرائيل بـ “ارتكاب إبادة جماعية ضد المسلمين في غزة”، فإن القمع المستهدف والممنهج الذي تمارسه الصين في تركستان الشرقية التي تحتلها الصين وتسميها “شينجيانغ” مستمر منذ 7 سنوات. الجرائم التي أطلقت عليها دول مثل الولايات المتحدة اسم “الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية”. ومع ذلك، فشلت القضية من العديد من الدول في الحصول على الاهتمام الذي تستحقه، وأصوات الدول الداعمة للصين تطغى على الأصوات المناهضة لجرائم الصين، وما زال هذا الوضع مستمرا.
في 19 يونيو، تم نشر مقال بعنوان “لماذا تجذب غزة الاهتمام أكثر من شينجيانغ؟” في صحيفة “آسيا تايمز”. في المقال، الاهتمام بما يحدث في غزة يفوق أضعاف الاهتمام بالإبادة الجماعية في تركستان الشرقية، لأن الصين تستخدم قوتها الاقتصادية وتكتيكاتها الدبلوماسية لإخفاء جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الأويغور، والمجموعات العرقية الأخرى لسنوات، بأن الاختلافات الأيديولوجية بين دول الديموقراطية والدول التي تطمع في الحصول على المساعدات الاقتصادية من الصين في نصف الكرة الجنوبي جعلت ذلك ممكنًا.
يقول المقال: “لقد احتل الهجوم الإسرائيلي على غزة العناوين الرئيسية لجميع الأخبار، وبدأت المنظمات الدولية في الاحتجاج ضد إسرائيل، وأدان زعماء مختلف البلدان إسرائيل. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، دعت الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة إلى وقف إطلاق النار. في مايو 2024، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 143 صوتًا مقابل 9 لصالح عضوية فلسطين في الأمم المتحدة. ويتناقض هذا الوضع بشكل صارخ مع غض العالم الطرف عن شعب يقع تحت الاحتلال في الصين الأويغور وغيرهم من العرقيات المسلمة. في أكتوبر 2022، صوتت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأغلبية 17 صوتًا مقابل 19 لمنع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من مناقشة قضية شينجيانغ. “بالمقارنة مع غزة، كان الاعتراف العالمي بشينجيانغ وغضبها منخفضين، وهو ما يمكن تفسيره بوضعين دوليين حاليين، وهما الانقسام الأيديولوجي بين الدول الديمقراطية ودول نصف الكرة الجنوبي، والجهود الاقتصادية والدبلوماسية للصين في جمع الأصوات المؤيدة لها”.
يقول كاتب هذا المقال، ديني روي (Denny Roy) ، أحد كبار الباحثين في معهد أبحاث الشرق والغرب في هاواي، في مقابلة معنا: “العالم كله يضع جُل اهتمامه بغزة ويترك الأويغور وراءهم. لا تغض بعض الدول الطرف عن الجرائم الشنيعة التي ترتكبها الحكومة الصينية ضد الأويغور، لكن هذا الاهتمام تضاءل منذ بداية الحرب في غزة. وأضاف: “لم تنجح الصين في إخفاء جرائمها، لكنها حققت بعض النجاح في إقناع العديد من الحكومات بغض الطرف عنها”.
تحدث عبد الحكيم إدريس، مدير مركز أبحاث الأويغور في واشنطن العاصمة، عن الأسباب التي تجعل معظم دول العالم تتجاهل الإبادة الجماعية التي ترتكبها الصين ضد الإيغور والدور الذي لعبته الصين فيها.
ويوضح المقال أن الأدلة على الجرائم التي ارتكبها الصينيون ضد الأويغور كاملة. لكن الحكومة الصينية “حوّلت الأويغور ذوي الميول الإسلام السياسي إلى متطرفين وانفصاليين وإرهابيين عنيفين”. وقالت موجهة نداءها إلى العالم: “يجب أن يتغيروا”. لكن منذ بداية هذه الحركة، وضعت الصين ملايين الأشخاص في معسكرات الاعتقال، واستعبدتهم واغتصبتهم وقتلتهم تحت ذرائع لاتعد ولا تحصى، أي أنها ترتكب الإبادة الجماعية بطريقة خفية للغاية. فمن ناحية أخرى بذلت جهوداً كبيرة اقتصادياً ودبلوماسياً، وحاولت تبرير هذه الجرائم والتغطية عليها.
يقول المقال: “تظهر الأدلة أن عددًا كبيرًا من الأويغور المعتقلين قد ماتوا. وقد يصل عدد الأويغور الذين قتلوا على يد المسؤولين الصينيين إلى مئات الآلاف، حتى أكثر من الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب غزة. لكن الفارق هنا هو أن حكومة حماس في غزة لديها القدرة في إحصاء أعداد الفلسطينيين الذين قتلوا في الحرب، في حين تخفي الحكومة الصينية عدد الأويغور الذين ماتوا في معسكرات الاعتقال، ونواياها واضحة.
وقال مصطفى آقيول، الباحث في معهد كاتو الأمريكي، إنه لا يستطيع أن يقول أي شيء عن الأفكار المطروحة في هذا المقال: “من المؤكد أن إسرائيل تتعرض لللوم أكثر لأن ما تفعله هو علني. الجميع يراقبه. لكن ما تفعله الصين مخفي للغاية وسري للغاية.
ومن المؤسف أن دول نصف الكرة الجنوبي، وخاصة الدول العربية والدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية، تدعم الصين في الأمم المتحدة، وهي متفوقة عدديا، مما يضع الدول الديمقراطية مثل الولايات المتحدة في وضع غير فعال.
يقول الباحث داني روي إن الدول التي تدعم الصين هي في الواقع متواطئة في جرائم الصين: “إذا ضغطت تلك الدول التي تدعم الصين عليها لوقف الاضطهاد الوحشي ضد الأويغور، فستضطر الصين على إعادة النظر في سياستها وتخفيفها”. ولكن كلما زاد تجاهل تلك الدول للمشكلة، كلما قلت الضغوط التي تواجهها الصين. لذا، فإن تلك الحكومات الوطنية متواطئة في هذه الجريمة، إلى حدما.
وبحسب المقال، قامت الحكومة الصينية بتحسين علاقاتها مع دول نصف الكرة الجنوبي، مما قلل من الانتقادات والضغوط من خلال أصواتها. وأغلب تلك الدول دول إسلامية، وقد دعمت حكوماتها ومنظماتها الإسلامية جرائم الصين. والمفارقة أن الحكومة الصينية تعتبر الإسلام “مرضا روحيا” ومصدر “القوى الثلاث” وتستخدم كلمة “التطرف الديني” بدلا من كلمة “التطرف”، وبذلك تكشف عن رغبتها في تدمير الإسلام. وعلى الرغم من ذلك، زار ممثلو الدول الإسلامية والمنظمات الإسلامية الصين الواحد تلو الآخر وأشادوا بـ “سياسة شينجيانغ” التي تنتهجها الصين. لقد أصبحت الصين بطريقة أو بأخرى “راعية العالم الثالث” وحصلت على استحسان العالم العربي من خلال دعمها لفلسطين. كما لعب التقليد العربي الإسلامي المتمثل في كراهية أمريكا وحب الصين دوراً كبيراً في ذلك. ومرة أخرى، دعمت هذه الدول الصين بشكل كامل، طامعة في الاستفادة من مشروع “حزام واحد طريق واحد” الصيني. كما تعاونت الصين مع وسائل الإعلام في دول الشرق الأوسط للقيام بالدعاية لصالح الصين، التي تعتبرها جهود حقوق الإنسان في العالم الغربي “المصالح السياسية”.
نجحت تكتيكات الصين، وخضعت الجالية المسلمة المتعاطفة مع الأويغور لملوك وأمراء بلادهم ثم انضمت إلى صفوف المسلمين في الاحتجاج لأجل غزة، وتخلت عن الأويغور.
وقال السيد عبد الحكيم إدريس إنه على الرغم من الوضع الحالي، فإن دول نصف الكرة الجنوبي تلعب أيضًا دورًا مهمًا في وقف الإبادة الجماعية ضد الأويغور.
ويقول المقال: إن الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران وغيرها من الدول الاستبدادية شكلت مجموعة من الدول التي تنكر جرائم الإبادة الجماعية التي يواجهها الأويغور وتدعم حماس. منذ بداية الحرب على غزة، كانت الصين الدولة الوحيدة التي نشرت رسائل معادية لإسرائيل ومعادية لليهود. ومن ناحية أخرى، فإن الدول الداعمة للأويغور هي دول ديمقراطية مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وفرنسا. وهذا يعني أن قضية حقوق الإنسان أصبحت اليوم جزءًا من الحرب الباردة الجديدة، لكن العالم، وخاصة العالم الإسلامي، الذي يكرس نفسه لحماية المسلمين في غزة، لا يبالي بالأويغور، بل ويقف إلى جانب الصين.
مصدر الخبر: إذاعة آسيا الحرة.
https://www.rfa.org/uyghur/mulahize/irqiy-qirghinchiliq-06212024164016.html
في الترجمة من الأويغورية: عبد الملك عبد الأحد.